في تصنيف ثقافية بواسطة
المسؤولية القرآنية

١- المسؤولية وأهميتها:
يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي :
" الحديث عن المسؤولية، وأهمية المسؤولية، وكيف ينبغي أن تكون نظرتنا من واقع انتمائنا القرآني، من واقع هويتنا الإسلامية إلى المسؤولية، وطبعًا المسؤولية بالدرجة الأولى بحكم انتمائنا لهذا الدين، بحكم وجودنا في هذه الحياة، المسؤولية التي حملنا الله - سبحانه وتعالى - باعتبار ما أراد لنا من دور في هذه
الحياة.
في القرآن الكريم آية مهمة وآيةً عظيمة؛ إذا تأملها الإنسان تقرب إلى ذهنيته وتقرب لفهمه عظم المسؤولية، وأهمية المسؤولية حتى يعي كيف ينبغي أن يكون هو في تعاطيه، في تفاعله، في تعامله على أساس من هذه المسؤولية، يقول الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ، (الأحزاب، ۷۲).
إنَّ الله سبحانه وتعالى ذو الشأن والعظمة والجلال المقتدر الخالق، فاطر السموات والأرض، وملك السموات والأرض في تدبيره في خلقه، في تكوينه ، في تصميمه لهذا العالم وما في هذا العالم في تدبيره لشؤون هذا الكون، وهو يقدم لنا ما يقرب إلى أذهاننا، وإلى مفهومنا إلى استيعابنا عظم المسؤولية التي علينا
كبشر، علينا كناس، عليك أنت أيها الإنسان.
فخلاصة الآية المباركة : أنه يقول الله في مضمونها يا أيها الإنسان، أنا
أعددتك، وهيأتك لمسؤولية عظيمة، ولدور عظيم، حجم هذه المسؤولية : هذه المسؤولية، أهمية هذه المسؤولية، مستوى هذا الدور هو يفوق ما أعددت له السموات والأرض، ويترتب على هذه المسؤولية، يترتب عليها من خلال مسيرتك في الحياة نتائج كبيرة ومهمة - طبعا - المعبر عنه في الآية بالأمانة حينما قال: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ : هي المسؤولية، مسؤوليتنا في هذه الحياة، وضمن مسيرينا في هذه الحياة؛ إما بالتفاعل السليم الصحيح الإيجابي مع هذه المسؤولية، أو بالانحراف، ونحن نحمل هذه المسؤولية تنحرف، نعصي الله تخرج عن هدي الله. نتجاوز توجيهات الله ، أوامر الله ، يترتب على هذا النتيجة الكبيرة جدا التي هي في الآية التي عقبها مباشرة، وهي قول الله - سبحانه وتعالى : (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا) (الأحزاب، (۷۳).
على كل من يتأمل في هذه الآية المباركة، ويتفهم هذه الآية المباركة : يدرك أن عليه كإنسان أن يكون جديًا تجاه المسؤولية، أن تعي أنك مسؤول، وأن تكون جادًا، جادًا في تفاعلك مع هذه المسؤولية، يقظا، عندك إحساس، عندك تفهم عندك انتباه لا تعيش حالة الغفلة ، والغرور، والتيهان، واللامبالاة؛ لأن أكثر ما يضر بالبشرية فيما يتعلق بتفاعلهم مع المسؤولية، وتعاطيهم مع المسؤولية هي الحالة التي حذر الله منها في القرآن كثيرًا حالة الغفلة، الغرور، لدرجة أنه قال: اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ) (الذنبها ) حالة الغفلة ، اللامبالاة. الانشداد الذهني في الهامشيات والأشياء الجانبية، والتركيز الكلي عليها، والاتجاه الكلي في ساحة الغفلة، في الميدان الهامشي بعيدا عن الاتجاه في الطريق الصحيح، في القضايا المهمة ، إعطاؤها ما تستحق من الأهمية، التفاعل معها بقدر ما تستحق".
٢- الانتماء والمسؤولية القرآنية:
من هنا ندخل إلى واقعنا العملى، كمنتسبين إلى هذه المسؤولية القرآنية. ومتحركين في إطارها في أي موقع كان الإنسان من مواقع المسؤولية، نحن في انتسابنا لهذه المسيرة :نقول إنَّا منتسبون إلى المسيرة القرآنية، المسيرة القرآنية هي تعني مشروعًا قرآنيا عمليا واسعًا فيه الالتزامات الأخلاقية، فيه الجوانب المبدئية، فيه ما يتعلق بالسلوك فيه ما يرسم لنا مسارات العمل في كل الاتجاهات وفي كل المجالات، انتماؤنا لهذه المسيرة القرآنية، ثم انطلاقتنا من مواقع عمل معينة من مواقع مسؤوليات معينة يفرض علينا التزامات كثيرة، وميثاقا كبيرا وعظيمًا ما بيننا وبين الله سبحانه وتعالى
- المنطلقات الرئيسية في المسيرة القرآنية:
أ. العبودية لله:
الله عبيد - سبحانه أول هذه المنطلقات الرئيسية والمهمة أننا نتحرك في مسيرتنا القرآنية في مشوارنا العملي في واقعنا الديني والإيماني على أساس أننا : وتعالى من هذا المنطلق من منطلق العبودية لله ) ، فنحن نستجيب له، نحن نطيعه، نحن نمتثل أمره ، نحن نلتجئ إليه هو ربنا، ونحن نعي ما يعني أنه ربنا، فنأله إليه، فنعبده، فنخضع له الخضوع التام فنستجيب له الاستجابة التامة، فنسعى إلى أن يقبلنا كعبيد ونؤدي وظيفتنا من هذا الإحساس ، ومن هذا المبدأ، ومن هذا الإيمان، ومن هذه القناعة ، هذا مبدأ ومنطلق مهم له أثره الكبير في الواقع العملي والتفاصيل العملية، وفي مسيرة الحياة.
ب الولاية الله سبحانه وتعالى
مبدأ الولاية لله - سبحانه وتعالى ، إيمانك بولاية الله، وتوليك له، أنه وليك الذي تتولاه، وتوليه أمرك، وترتبط به في كل شأنك، وتخضع نفسك له في كل الأمور، وتلجئ نفسك إليه في كل المهمات، وعند كل الشدائد، وترجع إليه في كل شيء، وهذا مبدأ ،مهم والحديث عنه واسع في ملازم الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، ودروس السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ونح نقدم استعراضا مختصرًا .
ج. التسليم لله تعالى: التسليم لله تعالى من المنطلقات المهمة والرئيسية، وهو فرع من فروع العبودية لله ، والتسليم له سبحانه وتعالى: هو الاستجابة التامة، والقبول التام بكل ما هو منه من هدى من توجيهات من أوامر، ما أراده منا نقبل، نسلم، نستجيب ليس عند الإنسان استثناءات ولا موانع
٤- المسؤوليات العملية هناك في ظل هذه المسيرة القرآنية أو باعتبار هذا الانتماء العظيم الانتماء لهذه المسيرة والمشروع القرآني؛ هناك مسؤوليات عامة، مسؤوليات كبرى تندرج تحتها التفاصيل الكثيرة منها:
أ. تقديم النموذج القرآني:
أول هذه المسؤوليات، وهو في غاية الأهمية تقديم النموذج القرآني)، هذه مسؤولية مهمة عظيمة مقدسة، الأجر عليها كبير، فضلها عظيم، وشرفها كبير
(تقديم النموذج القرآني).
لكن الذي تفتقر إليه الأمة، الذي تحتاج إليه الأمة، الذي هو مسؤولية مهمة في الانتماء للقرآن والاسلام هو تقديم النموذج القرآني الحي في الواقع ) ؛ يعني : أن نكون أمة تتجلى في رؤيتنا، ويتجلى ويتجسد في أخلاقنا، ومعاملاتنا، وتصرفاتنا، وسلوكياتنا، واهتماماتنا ، وما نقدمه، وما نسعى فيه (القرآن الكريم)، فيكون القرآن لنا فكرًا، ويكون القرآن الكريم فيما فيه من قيم وأخلاقيات واقعا نعيشه ، نجسده، يرى الناس أخلاق القرآن في أخلاقنا فيتجلى جمالها وجلالها، وعظمتها، ونفعها في واقع الناس، فيشكل أداؤنا العملي وواقعنا العملي وأداؤنا السلوكي جاذبية للقيم القرآنية، للأخلاق القرآنية حينما تتجلى في واقع الحياة ملموسة مشهودة وواقعا يراه الناس يحسون به ، يرون أثره، يلمسون أثره ، فيمثل عامل انجذاب للقرآن الكريم، هذا شيء مهم وعد الله عليه بكفلين من رحمته في سورة الحديد، يقول الله -سبحانه وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الحديد (٢٨) كفلين من الرحمة أجر مضاعف وعظيم ، وشيء مهم يجب أن نسعى لتجسيد القيم القرآنية والأخلاق القرآنية، ثم نتحرك في الواقع العملي على أساس هدى الله - سبحانه وتعالى ، فنكون شاهدًا .. شاهدًا عظيمًا على عظمة هدى الله .
ب إقامة العدل من أهم مسؤولياتنا الكبرى والأساسية مثلما تقديم (النموذج القرآني) مسؤولية؛ لتكونوا شهداء على الناس، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (البقرة) (١٤) ، هذه الوسطية القرآنية تقديم النموذج المتميز الأفضل الذي ترى الأمة في الحذو حذوه الشرف، السمو الخير، الكرامة، العزة، ثم إقامة العدل) .. إقامة العدل والسعي لإقامة العدل مسألة مهمة جدًا؛ لأنها غاية رئيسية في رسالة الله - سبحانه وتعالى - مع كل الرسل والانبياء.
٥- ركائز المشروع القرآني
هناك ركائز يقوم عليها المشروع القرآني في مسؤولياته وعناوينه وتوجهاته، وهي ثلاث ركائز
الركيزة الأولى: (المنهج)
نحن أمة لها منهج هو القرآن الكريم، وضمن الرؤية القرآنية المقدمة لنا من السيد حسين بدر الدين الحوثي بآفاقها الواسعة، وامتداداتها الكبيرة، وأسسها العظيمة، وهذا المنهج القرآني الذي ننتمي إليه يجب أن نعيه، أن يكون ارتباطنا به ارتباطا وثيقا وعيا أولا، واستيعابا ، وهذه عملية مستمرة لا حد لها، لا زمني، ولا بمستوى معين يستمر الإنسان فيها على الدوام . المنهج وعيا، والتزاما عمليا وتحركا على أساسه.
الركيزة الثانية: (القيادة)
قيادة نلتزم بها مع المنهج ضمن هذا المنهج تتحرك بنا على أساس هذا المنهج.
الركيزة الثالثة: (الأمة)
أمة تنتمي إليها وتنتسب إليها، لك بها الروابط الأخوية والإيمانية حيث تنهض معها بهذه المسؤولية التي هي مسؤولية جماعية.
٦- كيف نكون بمستوى المسؤولية ؟
في ظل هذه المسؤولية، بحكم هذا الانتماء ؛ ماذا علينا أن نعمل لنكون بمستوى المسؤولية ؟
مسؤولية عظيمة مسؤولية كبيرة مشروع مقدس مشروع عظيم انتماء حتمي لابد منه ؛ يعني إيمانيًا دينيًا، ولا بديل عنه إلا الانحراف إلى الهاوية، الانحراف عن الحق، السقوط في الباطل، فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ) (يونس ٣٢)، ما الذي يجب أن نركز عليه لنكون بمستوى هذه المسؤولية ؟
يقول الله - سبحانه وتعالى - في آية مهمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُكُم مِّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ (المائدة...) علينا وبالاعتماد على الله ، وبالاعتصام بالله وبالالتجاء إلى الله بالدعاء بالتضرع، وبالرجوع إلى هدى الله - سبحانه وتعالى - أن يكون لدينا اهتمام كبير بأنفسنا حتى نكون بمستوى هذه المسؤولية، والاهتمام المستمر مدى الحياة - ليس هناك مستوى معين يمكن أن يصل إليه الإنسان فيقول : أصبحت في مستوى الكمال الإنساني، وفي مستوى المسؤولية مائة بالمائة، ما عاد عندي أي نقص، عندي كل الوعي، كل المطلوب من القيم والأخلاق بالمستوى المفترض ولدي كل القدرات والمهارات، رحلة الحياة كلها رحلة مسؤولية ورحلة ارتقاء رحلة يتزود فيها الإنسان التقوى والإيمان والعلم، كما يقول الله سبحانه وتعالى ﴿وَتَزَوَّدوا فإن خير الزاد التقوى ﴾ (البقرة. ١٩٧) ، ويعلم نبيه ، فيقول له : ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) .
إننا معنيون بأهمية هذه المسالة، بحكم هذه المسؤولية وأهميتها، معنيون على الاهتمام بأنفسنا للارتقاء إيمانًا ،وعيًا ،مهارات ،قدرات وسائل إلى غير ذلك، حتى تكون على الدوام - وإن لم نقل بمستوى المسؤولية مائة بالمائة - على الأقل في مستوى الحد الأدنى مما هو مفترض بنا ، ويطلب منا ، ويوجهنا الله إليه ؛ أن نكون أقل حالا في الحد الأدنى من المستوى المطلوب في مستوى المسؤولية.
فعندما نتجه - مثلًا - في واقعنا بالعناية بأنفسنا العناية إيمانيًا، وأن نحرص على الدوام أن نرتقي في أخلاقياتنا، في روحياتنا في أدائنا العملي، ثم أداؤنا العملي في مستوى المسؤولية نحتاج إلى أن تنمي خبراتنا الإدارية، هذا جانب أساسي، كل ما له صلة بأدائنا العملي نحتاج إليه .. نحتاج إليه من علوم، من وسائل إلى غير ذلك، فهذه المسالة مهمة جدًا.

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
المسؤولية القرآنية

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى منتج الإجابات، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...