في تصنيف ثقافية بواسطة
وفي واقع الحال، ليس هناك قوى أقوى من الإيمان لتوجيه الإنسان .

وفي الأصل، فإن التاريخ البشري هو تاريخ الإيمان عند الإنسان. فأولئك الذين غيروا مجرى التاريخ هم أنفسهم الذين غيروا من معتقداتنا وسلوكنا؛ لذلك علينا أولاً أن نبدأ بتغيير معتقداتنا؛ لكي نحاكي التفوق ثم علينا أن نحاكي معتقدات من حققوا النجاح " وتاريخنا الإسلامي زاخر بأمثلة باهرة في ذلك " .

وكلما زاد ما نعرفه عن السلوك الإنساني، زادت معرفتنا بالأثر غير العادي للإيمان على حياتنا، وفي كثير من الحالات، يتحدى هذا الأثر النماذج المنطقية التي يعتقد معظمنا فيها. ولكن، من الواضح أنه حتى على المستوى الفسيولوجي، فإن المعتقدات (التمثيل الداخلي المتناغم) يسيطر على الواقع، وقد أجريت - منذ وقت ليس بالبعيد - دراسة غير عادية عن انفصام الشخصية، وكانت إحدى حالات الدراسة لامرأة تعاني من انفصام الشخصية، في العادة، كان معدل السكر في الدم لديها عادياً تماماً، ولكن عندما كانت تؤمن بأنها مصابة بمرض السكر، كانت فسيولوجيتها تتغير تماماً لتتحول إلى فسيولوجية مريض بالسكر ؛ ولذا، فقد أصبحت معتقداتها أمراً واقعاً. وعلى غرار ذلك، كانت هناك دراسات عديدة حيث يتم لمس شخص منوم مغناطيسيا بقطعة من الثلج على أنها قطعة من المعدن الساخن. وفي كل الحالات، كانت بثرة تظهر في موضع التلامس، فقد كان الأثر هنا لما اعتقده الشخص وليس للواقع - وهو التواصل المباشر القاطع للجهاز العصبي - فالمخ بكل الإيمان وإيقاظ القوى الخفية بساطة يفعل ما يؤمر به .

ومعظمنا سمع عن الدواء ذي الأثر الوهمي فأولئك الذين يُصرف لهم عقار على أن له أثراً معيناً، يشعرون فعلاً بهذا الأثر مع أنهم يتناولون قرصاً فارغاً من هذا العقار ليس به أي خواص فعالة . ويقول نورمان كيزنز الذي علم بنفسه ما للإيمان من قوة في التخلص من مرضه : ليست العقاقير أمراً ضرورياً في كل الأحيان، أما الإيمان فهو ضروري دائماً . ومن الدراسات الرائعة عن الدواء ذي الأثر الوهمي، دراسة تمت على مجموعة من المرضى المصابين بقرحة، وقد تم تقسيمهم إلى مجموعتين، تم إعطاء المجموعة الأولى عقاراً أخبروا بأنه سوف يشفيهم تماماً من مرضهم. وتم إعطاء المجموعة الثانية عقاراً أخبروا بأنه تجريبي ولا يعرف سوى القليل عن أثره. وقد شفي سبعون بالمائة من المجموعة الأولى بصورة كبيرة من القرحة. ولم يحقق سوى ٢٥٪ من المجموعة الثانية نتائج مماثلة. وفي كلتا الحالتين تم إعطاء المرضى عقاراً ليس له أي خواص علاجية على الإطلاق. كان الفارق الوحيد هو نظام الإيمان الذي تبنوه. وهناك دراسات أخرى أروع من تلك، وهي الدراسات العديدة التي تم فيها إعطاء المرضى دواء كان من المعروف أن له أثراً ضاراً، ومع ذلك أخبروا أنهم سيحصلون على أثر إيجابي، وعندها لم يتعرضوا لأي آثار ضارة مطلقاً.

وقد أظهرت الدراسات التي أجراها الدكتور "أندروويل" أن مدمني المخدرات يحصلون على أثر يطابق توقعاتهم تماماً. فقد وجد أنه يسكن ويهدئ شخصاً ما بإعطائه الأمفيتامين ، وأنه يجعل آخر يشعر بالنشوة عند إعطائه الباريتيوريت. واختتم الدكتور ويل قائلاً: "إن سحر المخدر يكمن في عقل متعاطيه، ليس في العقار ذاته وهو الرسائل المتناسقة والمتناغمة التي تم إرسالها إلى المخ والجهاز العصبي . وفي جميع هذه الحالات، كان الإيمان هو العنصر الثابت الوحيد الذي كان له أكبر تأثير على النتائج، ومع كل هذه القوة التي يتمتع بها الإيمان، فليس هناك أي قوى غامضة في هذه العملية. فالإيمان ليس سوى حالة نفسية، أو تمثيل داخلي يحكم السلوك. ويمكن أن يكون إيماناً باعثاً على القوة بشأن ما هو ممكن أو الإيمان بأننا سوف ننجح في شيء ما أو نحقق شيئاً آخر، ويمكن أن يكون كذلك إيماناً باعثاً على العجز، أو الفشل وعدم تحقيق النجاح، أي أن أوجه قصورنا واضحة ولا يمكن التغلب عليها وأنها هائلة. فلو اعتقدت في النجاح، فسوف تكون لك القدرة على تحقيقه . وإذا كنت تؤمن بالفشل، فإن هذه الرسائل ستميل لأن تؤدي بك إلى الفشل . فكلا الاعتقادين قوة هائلة، أما السؤال الذي يجب أن نطرحه فهو : أيهما أفضل بالنسبة لنا، وكيف نكتسبهما ؟

ويبدأ مولد التفوق بإدراك أن لنا الخيار فيما نؤمن به، وفي العادة لا ننظر إلى الأمر من هذه الناحية، إلا أن الإيمان يمكن أن يكون اختياراً نقوم به عن وعي، فبإمكانك أن تختار المعتقدات التي تساندك في التفوق أو التي تحد من قدراتك، والمهم هو أن تختار المعتقدات المحفزة للنجاح والنتائج التي ترجوها، والتخلص من تلك التي تعوقك . وأكبر سوء فهم عند الناس بخصوص الإيمان، هو اعتقادهم بأنه الإيمان وإيقاظ القوى الخلية

مفهوم فكري جامد، أو منعزل عن العمل والفعل والنتائج. وهذا المفهوم هو أبعد ما يكون عن الحقيقة الإسلامية؛ فالإيمان هو الباب المؤدي إلى

التفوق وذلك لأنه لا يمت بصلة إلى الجمود.

يحدد لنا إيماننا كم قدراتنا التي يمكن لنا أن نستدعيها أو نستخدمها، وهو الذي يمكن أن يسمح بتدفق الأفكار أو يوقفها. تخيل أنك تعرضت

لهذا الموقف : يقول لك شخص ما : " من فضلك أعطني الملح"، وفي أثناء سيرك إلى الحجرة المجاورة تقول لنفسك : "ولكنني لا أدري أين يوجد ". وبعد أن تمضي بضع دقائق في البحث عنه، تصرخ قائلاً : لا أستطيع أن أجد الملح" عندها، يأتي هذا الرجل ويتناول الملح من أعلى الرف الموجود أمامك تماماً ويقول : انظر يا أبله، الملح أمام عينيك، في هذه الحالة كما لو كان ثعباناً قد لدغك " . فعندما قلت إنك لا تستطيع أن تجد الملح، فإنك أعطيت إشارة إلى مخك بأنك لا تراه ويسمى ذلك في علم النفس بالاسكتوما ، وتذكر أن كل تجربة إنسانية، وكل شيء سمعته وقلته وأحسست به وشممته وتذوقته مخزون في مخك؛ ولذا، فعندما تقول إنك لا تستطيع التذكر، فأنت محق في ذلك تماماً. وعندما تقول تستطيع التذكر حيث تعطي بذلك أمراً لجهازك العصبي كي يفتح البوابات المؤدية إلى جزء المخ الذي يستطيع أن يمدك بالإجابات التي تريدها .

إن من يحققون شيئاً، يفعلون ذلك لإيمانهم بالقدرة على تحقيقه (فيرجيل)

مرة أخرى، ما هي المعتقدات؟ إنها توجهات المفاهيم موجودة ومنظمة مسبقاً ترشح تواصلنا مع أنفسنا بصورة دائمة. من أين تأتي المعتقدات؟ لماذا يكون لدى البعض معتقدات تدفعهم صوب النجاح ويكون للآخرين معتقدات تقودهم إلى الفشل، وإن كنا سنحاكي المعتقدات التي تؤدي للنجاح، فإن أول شيء نحتاج إلى معرفته هو مصدر هذه المعتقدات. أعلى هذه المعتقدات الرسالة الربانية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهي قانون السعادة الحق" وقد يأتي بعد ذلك معتقدات ومصادر منها :

مصادر أخرى للنجاح أو الفشل

من خلال ما سبق رأينا أن المصدر الأول للنجاح والتفوق بلا منازع هو الإيمان حتى إن جميع النابهين من جميع الأمم متفقون على ذلك . المصدر الثاني: البيئة، فهي المكان أو الوسط الاجتماعي الذي تجري فيه دورات الفشل الذي يولد الفشل، والنجاح الذي يولد النجاح بصور لا تنتهي، إن الإحباط والحرمان ليسا مصدري البشاعة الحقيقية للحياة في الأحياء الفقيرة، فبإمكان الناس أن يتغلبوا عليهما. لكن الكابوس الحقيقي يتمثل في أثر البيئة على الأحلام والمعتقدات. فإن كان كل ما تراه هو الفشل والإحباط، فسيكون من الصعب أن يتوافر لك التمثيل الداخلي الذي يؤدي إلى النجاح، فالمحاكاة هي أمر نقوم به جميعاً طوال الوقت . فإن ترعرعت في بيئة يسودها الثراء والنجاح، فسيسهل عليك محاكاة الثراء والنجاح، أما إن ترعرعت في بيئة يسودها الفقر، فهنا ستكون نموذجك الخاص بما يمكن القيام به .

قال ألبرت أينشتين : القليل هم من لهم القدرة على التعبير بآراء متزنة تختلف عن الأحكام المسبقة لبيئتهم الاجتماعية " .

وفي الدورات التي أعقدها حول المحاكاة المتقدمة، أقوم بتجربة ، حيث نعثر على أناس ممن يعيشون في شوارع المدن الكبرى، ثم نعمل على تقييم نظم إيمانهم واستراتيجيتهم العقلية. ونقدم لهم الطعام وقدراً كبيرا من الحب، ثم تطلب منهم أن يخبروا المجموعة من حياتهم، وما هي شعورهم تجاه ما هم فيه الآن؟ وما هو السبب - في رأيهم - وراء كون الأمور على ما هي عليه الآن؟.

ثم تعقد مقارنة بينهم وبين أناس ممن حولوا حياتهم كلية على الرغم من العرضهم المشكلات عاطفية وصحية بالغة، وفي إحدى الجلسات التي عقدت مؤخراً، كان يوجد شاب يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً. وكان قوياً وذكياً ومعافى جسمانيا ووسيماً، ما السر وراء تعاسته وعينه في الشارع، في حين أن دبليو ميتشل - الذي لم يكن لديه الكثير من القدرات لتغيير حياته - كان يتمتع بسعادة غامرة ؟ لقد نشأ ميتشل في بيئة كان يوجد بها قدرات يحتذى بها، نماذج الأناس تغلبوا على صعاب جمة من أجل الوصول إلى حياة ممتلئة بالسعادة، وخلق ذلك ثقة في ذاته : وقد كان ذلك ممكناً في حالتي أيضاً. وعلى نقيض ذلك، فإن هذا الشاب، والتطلق عليه جدلاً اسم "جون ، نشأ في بيئة لم يوجد فيها أي قدوة يحتذى بها، حيث كانت أمه سيئة السمعة، وسجن أبوه بتهمة القتل، وعندما كان في سن الثامنة حقنه أبوء بحقنة هيروين، وبكل تأكيد، لعبت هذه البيئة دوراً في اعتقاده بما يمكن عمله - ألا وهو مجرد البقاء حيا - وكيفية تحقيق ذلك من العيش في الشوارع والسرقة والتخلص من الآلام بتعاطي المخدرات، وكان يعتقد أن الآخرين دائماً يحاولون استغلاله ما لم يأخذ حذره منهم، فلا أحد يحب غيره، وهلم جرا. وفي هذه الليلة، عملنا مع هذا الرجل، وغيرنا من معتقداته وكنتيجة لذلك، لم يعد إلى العيش في الشوارع، كما أقلع عن المخدرات، وهو الآن يعمل، وله أصدقاء ويعيش في بيئة جديدة بمعتقدات جديدة، كما أنه يحقق نتائج جديدة، وهذا بالضبط الذي عمله الإسلام في المجتمع الجاهلي حيث أعطاهم القوة الإيمانية النفسية وأعطاهم التعاليم الصحيحة والأساليب الحسنة التي غيرت من أنماط حياتهم.

درس الدكتور بنجامين بلوم من جامعة شيكاغو مائة حالة ناجحة الرياضيين من الشباب، وموسيقيين والطلاب يا وقد دهش عندما اكتشف أن عالية هؤلاء النوابغ من الشباب لم يبدأوا حياتهم بإظهار تفوق باهر . وعلى نقيض ذلك، فقد تلقى معظمهم ارشاداً ودعماً وعناية، ثم بدأوا بعد ذلك في التطور. فقد ظهر الاعتقاد في إمكانية أن يحققوا تفوقاً، خاصة قبل ظهور أي علامات على امتلاكهم موهبة حقيقية . إن البيئة يمكن أن تكون أقوى مولد كامن للمعتقدات بالمخالطة وتسمى معتقدات تجوزا) ولكنها ليست المولد الوحيد، ولو كان الأمر كذلك، لعشنا في عالم ثابت لا يتغير، حيث لا يعرف الأثرياء سوى الثراء، ولا يخرج الفقراء مطلقاً من فقرهم " فهناك بيئات محيطة أو فاسدة كالبيئة الجاهلية أو الشهوانية، وهناك بيئات، عظيمة ورائدة كالبيئة الإسلامية الصحيحة " .

وفي بعض الأحيان يكون هناك تجارب وطرق أخرى للتعلم، والتي يمكن أن تكون كذلك مولدات للاعتقاد .

المصدر الثالث: الأحداث، فالأحداث - صغرت أم كبرت - يمكن أن تولد الإيمان بأشياء؛ فهناك أحداث في حياة المرء لا يمكن أبداً نسيانها ؛ فمثلاً بالنسبة للأمريكيين حادث ضرب مركز التجارة العالمي وموت الرئيس كينيدي .

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
وفي واقع الحال، ليس هناك قوى أقوى من الإيمان لتوجيه الإنسان .

وبالنسبة للكثيرين، كان هذا الحادث أمراً غير من وجهة نظرهم إلى العالم. وعلى غرار ذلك، فلمعظمنا تجارب لا تنسى أبد الدهر، تجارب كان لها وقع شديد علينا لدرجة أنها انطبعت في ذاكرتنا إلى الأبد، فهذه هي التجارب التي تشكل الإيمان الذي يمكن أن يغير حياتنا فقد تعرضت الحركة الإسلامية مثلاً إلى مواقف ومظالم لا يمكن أن تنسى يوم إعدام الأستاذ عبد القادر عودة ورفاقه وإعدام سيد قطب ورفاقه والمحاكمات العسكرية والاعتقالات المتكررة، لا شك أن هذه الحوادث فتحت الأعين على هول الكارثة التي تحل بالأمة، والتي يجب أن يحب حسابها كما فتحت الأعين على القوى العالمية المستعدة المساندة أي نظام يساعد على إرباك الأمة والتخلص من المخلصين فيها والعاملين لسيادتها ونهضتها .

المصدر الرابع المعرفة، وتعتبر التجربة المباشرة هي إحدى أشكال المعرفة، ومشاهدة الافلام والقراءة ومشاهدة العالم كما يصوره الآخرون. هي طرق أخرى للمعرفة والمعرفة من الطرق الرائعة لتحطيم أغلال البيئة التي تحد من قدرات الفرد. ومهما كان العالم كثيباً من حولك، فبقراءتك لإنجازات الآخرين، تستطيع أن تخلق المعتقدات التي تسمح لك بالنجاح. هذا، وقد حضنا الإسلام على العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، وجعله طريقاً إلى الجنة قال : من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» (1) .

فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك، ومتى اتقاء زاده وهلم جرا.

جرب كيف تصر على المعرفة منذ سنوات بعيدة تعلقت بعادة القراءة لمدة ثلاثين دقيقة يوميا، والتي اتضح فيما بعد أنها أثمن شيء تعلمته في حياتي. ففي يوم ما قال لي أحد أساتذتي :

إن قراءة شيء ذي فائدة وذي قيمة يضيف شيئاً جديداً إليك ؛ فالقراءة في الحقيقة أهم من الطعام. وقال أستاذي أيضاً : قد تفوتك وجبة، ولكن لا تجعل القراءة تفوتك أبداً.

ومن ثم حاول أن تغذي نفسك بالقراءة بينما تخوض محاولتك في التحدي الذهني. اقرأ مادة تفيدك في اكتساب استراتيجيات جديدة

تؤدي بك إلى تحقيق ذلك النمط الجديد الذي اخترته الحياتك، وتذكر أن القادة العظام هم أيضاً قارتون عظام .

قال الإمام أبو الفرج بن الجوري - رحمه الله تعالى : تأملت عجباً، وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه، ويكثر التعب في تحصيله. فإن العلم لما كان أشرف الأشياء، لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة، حتى قال بعض الفقهاء : بقيت سنين أشتهي الهريسة لا أقدر؛ لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس " . . ١. هـ .

ولذلك قال ابن القيم - رحمه الله تعالى : وأما سعادته فلا يورثك إياها إلا بذلك الوسع وصدق الطلب وصحة النية .

وقد أحسن القائل في ذلك :

فقل لمرجى معالي الأمور بغير اجتهاد رجوت المحالا وقال الآخر :

لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يُفقر والإقدام قتال ومن طمحت همته إلى الأمور العالية؛ فواجب عليه أن يشد على محبة الطرق الدينية، وهي السعادة، وإن كانت في ابتدائها لا تنفك عن ضرب من المشقة والكره والتأذى، وأنها متى أكرهت النفس عليها ، وسیقت طائعة وكارهة إليها، وصبرت على لأوائها وشدتها أفضت منها إلى رياض مونقة، ومقاعد صدق ومقام كريم تجد كل لذة دونها لعب الصبي بالعصفور بالنسبة إلى لذات الملوك، فحينئذ حال صاحبها كما قيل :

وكنت أرى أن قد تناهى بي الهوى إلى غاية ما بعدها لي مذهب فلما تلاقينا وعاينت حسنها تيقنت أني إنما كنت ألعب قال مسلم في "صحيحه" قال يحيى بن أبي كثير : " لا ينال العلم براحة الجسم"، وقد قيل : من طلب الراحة، ترك الراحة " . فيا واصل الحبيب أما إليه بغير مشقة أبداً طريق ؟! ولولا جهل الأكثرين بحلاوة هذه اللذة وعظم قدرها لتجالدوا عليها بالسيوف، ولكن حقت بحجاب من المكاره، وحجبوا عنها بحجاب من الجهل، ليختص الله لها من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم اره قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه .

لا تحسب المجد تمراً أنت أكله لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا وقد كان أهل العلم - رحمهم الله تعالى - يلاقون الصعاب والشدائد في تحصيلهم للعلم، نصح الإمام ابن هشام النحوي، صاحب كتاب القطر" و "المغني" وغيرهما، طلبة العلم بالصبر على مشاق العلم والتحصيل، إذ هو شرط في نيل المراد العزيز الغالي، فيقول : ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل ومن لم يذل النفس في طلب العلى يسيراً بعش دهراً طويلاً أخا ذل المصدر الخامس التجارب أو الخبرات التي يمكن من خلالها تحقيق النتائج المستقبلية، ومن أضمن الطرق لخلق المعتقدات بقدراتك على فعل شيء ما، هي فعل هذا الشيء مرة واحدة فقط، فإن استطعت أن تنجح مرة، فسيكون من الأسهل بكثير أن تخلق الاعتقاد في قدرتك على تحقيقه مرة أخرى.

أعرف رجلاً طلب منه أن ينجز رسالة للماجستير في مدة وجيزة فما كان منه إلا أن أنجزها في تلك المدة القصيرة، ثم أخذها فرحاً إلى المشرف للقراءة وإبداء الملاحظات ثم المناقشة، ففوجئ بالمشرف يرفضها ويتحامل عليه، وبعد أخذ ورد طلب منه الطالب أن يبدي رأيه في كل باب من أبوابها ويدون ملاحظاته التي ينبغي أن تعمل، وقال سأقوم بتعديلها وكتابتها، وإذا بالمشرف يفعل ذلك ويقلب الفصل رأساً على عقب، وظن المشرف أن عمل ذلك يتم في شهر تقريباً فأخذ الطالب الفصل وذهب إلى المكتبات وجلس في إحداها سحابة يوم كامل كتب فيها مسودة الفصل ثم سهر الليل في تبييضه وترتيبه وإذا به يذهب إلى المشرف في صباح اليوم الثاني وقد أتم مهمة التغيير كما أراد المشرف، فذهل المشرف وفعل في الفصول التالية ما فعله في الأول، تحت ذهول المشرف، وتعجبه؛ لأن الطالب أصر على إثبات وجوده، ونال الماجستير، ثم نال الدكتوراه؛ ثم كتب بحوث الترقية للدرجات العلمية حينما طلب منه ذلك في أوقات ومدد لا تصدق وكان سبب ذلك هو الإصرار الأول والنجاح الذي حقق بالسرعة الخارقة في الماجستير .

وما أصدق قول القائل :

داؤك فيك وما تبصر ودواؤك فيك وما تشعر

وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

المصدر السادس: المعتقدات (۱) هو من خلال إيجاد التجربة التي ترغبها في المستقبل في عقلك كما لو كانت أمراً واقعاً. وكما أن التجارب السابقة يمكن أن تغير في إمكانية حدوثه، فكذلك الأمر مع التجارب التي تتخيلها في ذهنك لما تريد أن يكون في المستقبل .

لقد تحدثنا عن أهمية المحاكاة، ومحاكاة التفوق تبدأ بمحاكاة الاعتقاد في العادات، وبعض الأمور تحتاج إلى بعض الوقت المحاكاتها، ولكن، إن كان بمقدورك أن تفكر وأن تقرأ وأن تسمع، فإن بمقدورك عندئذ أن تحاكي اعتقادات أنجح الناس على وجه الأرض. عندما بدأ أي عظيم حياته، قرر أن تكتشف اعتقادات أنجح الناس، ثم قلدهم بعد ذلك. إن بإمكانك أن تحاكيه هو ومعظم القادة العظام من خلال قراءة سيرهم الذاتية . وتعج المكتبات بأسئلة وأجوبة حول كيفية تحقيق أي نتيجة ترغبها، ولهذا قص علينا القرآن قصص الصالحين من عباد الله وقصص الأنبياء والمرسلين لـنـــتــدي بهم، قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَهُدَاهُمُ الده ...) [الأنعام] وقال تعالى: ﴿وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ به فؤادَكَ ... ﴾ [هود .... فاقصص القصص لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (7) [الأعراف] .

ما مصدر معتقداتك الشخصية؟ هل مصدرها رجل الشارع العادي؟ هل مصدرها التلفاز أو المذياع؟ هل مصدرها كلام المتحدثين الأطول حديثاً والأعلى صوتاً؟ إن أردت أن تنجح، فمن الحكمة أن تختار معتقداتك بعناية بدلاً من المشي هنا وهناك كقطعة ورق عصفت بها الريح . ومن المهم إدراك أنه كلما أطلقنا العنان لقدراتنا الكامنة حصلنا على النتائج ، وهي جميعاً أجزاء من عملية نشطة تبدأ بالاعتقاد. وأنا أنظر إلى هذه العملية من خلال المثال التالي :

لنقل إن شخصاً ما يعتقد في عدم فاعليته في فعل شيء ما . ولنفترض أنه قال لنفسه إنه طالب فاشل. فإذا توقع الفشل، فما هو مقدار قدراته التي سيستدعيها ؟ ليس بالكثير ؛ فقد قال لنفسه بالفعل إنه لا يعرف . لقد أرسل بالفعل إلى مخه رسالة بتوقع الفشل. ومع بدئه بمثل هذه التوقعات، فما هي الأفعال التي يحتمل أن يقوم بها؟ هل ستكون الفعالا تتسم بالنشاط، والتناغم والثقة بالنفس؟ هل ستعكس قدراته الحقيقية أمراً غير محتمل ؟ وإذا كنت على ثقة من فشلك، فلماذا تكد من أجل النجاح؟ ومن هنا، فقد بدات باعتقاد يؤكد عدم قدرتك ، وهو الاعتقاد الذي يرسل - لاحقا - إلى جهارك العصبي إشارة للاستجابة بشكل معين، ولقد استدعيت قدراً محدوداً من قدراتك ، ولقد قمت بأفعال هزيلة تعوزها الثقة، فما هي النتائج التي تتمخض عن ذاك؟ أكثر الاحتمالات أنها ستصبح هزيلة جدا . ما الذي ستتسبب فيه هذه النتائج الهزيلة بالنسبة لأعمالك اللاحقة ؟ أكثر الاحتمالات أنها ستعزز من الاعتقادات السلبية .

إن الفشل يولد الفشل. فمن يعيشون حياة ملؤها التعاسة والانكسار ، هم أناس حرموا لفترة طويلة من النتائج التي كانوا يريدونها حتى أنهم لم يعودوا يؤمنون بقدراتهم على تحقيق ما يريدون . كما لا يفعلون سوى القليل أو لا يفعلون شيئاً أصلاً، ويبدأون في محاولة اكتشاف كيفية وصول حياتهم إلى النقطة التي لا يفعلون فيها سوى القليل انطلاقاً من هذه الأفعال، ما النتائج التي يحققونها ؟ بطبيعة الحال، ستكون نتائج سيئة تحطم معتقداتهم بصورة أكبر، إن كان ذلك ممكناً .

وبنفس الطريقة فإن النجاح يولد النجاح .

التفعيل العملي الحقائق الموضوع وقيمه بالأنشطة الآتية:

أولا الأنشطة المصاحبة

إجراء ورشة عمل قصيرة في الحصة لترتيب عناصر القوة وكيفية اكتسابها .

تصحيح قراءة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار الحكيمة الواردة في الدرس.

 تدريب المتعلمين على التحدث عن أهمية الإيمان في إيقاظ قوى الإنسان الكامنة .

ثانياء الأنشطة المساندة
0 تصويتات
بواسطة
وفي واقع الحال، ليس هناك قوى أقوى من الإيمان لتوجيه الإنسان .

محاسبة النفس على مدى انطباق عناصر القوة السابق ذكرها في نفسه، والعمل على استكمالها .

إقامة ورشة عمل لمناقشة الوسائل التي تساعده وزملاء.

للاتصاف بعناصر القوة.

تقديم خواطر عن أهمية الإيمان في إيقاظ قوى الإنسان الخارقة . جمع أمثلة للشخصيات التي حولها الإيمان إلى شخصيات عالية الهمة ويجعلها في كتاب يوزع .

 إلقاء محاضرة عن مصادر المعتقدات الصحيح منها والباطل] عند الإنسان، وكيف يتخلص المؤمن من المعتقدات الخاطئة منها وشروط الاستفادة من المعتقدات الصحيحة .

 يجمع أمثلة للشخصيات التي حولها الإيمان وفجر طاقاتها . كتابة مقالات وبحوث عن أهمية وضرورة تغيير القناعات الخاطئة السلبية واستبدالها بقناعات صحيحة إيجابية .

يجمع الحكم والأمثال الشعرية والنثرية ذات الصلة بالموضوع في مطوية وتوزيعها .

يخطط لدورة تدريبية في الموضوع.

التقويم والقياس الذاتي

أولا الأسئلة المقالية

١ - ما الولادة الحقيقية للإنسان؟ وما أسبابها وعناصرها ومفاتيحها ؟

٢- اشرح المدار الذي يقوم عليه إيمان المؤمن. صنف الناس بناء على هذا المدار. أين تكمن القوة الحقيقية في الإنسان؟

  اذكر مع الشرح الأسباب التي تقوم عليها حياة القلب.

 بين أثر الإسلام في تعويد المؤمن على القوة النفسية الكبيرة .

ما الذي يترتب على علو همة المؤمن؟

المؤمن عظيم بإيمانه اشرح ذلك .

 ما مصادر معتقدات الإنسان بوجه عام؟

كيف تكون البيئة مصدراً من مصادر المعتقدات عند الإنسان؟

هل يمكن استغلال البيئة في بناء معتقدات صحيحة لدى الإنسان؟ ولماذا؟

 وضح أثر الأهداف في تكوين المعتقدات والتصورات لدى الإنسان.

 كيف يمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة التي استقرت في عقل الإنسان بسبب بعض الأحداث؟

 متى تكون المعرفة مصدراً من مصادر الاعتقاد السليم؟

 كيف يتم تحصيل المعرفة؟ اذكر الشروط الواجبة لذلك.

اكتشفت بعد وقت أن مصادر المعرفة لديك كانت غير صحيحة، فكيف تتصرف؟ وكيف تساعد غيرك على التخلص من مصادر المعرفة غير الصحيحة ؟

اشرح دور التجارب العامة والخاصة في بناء معتقدات الإنسان؟

 ما الأخطار الناتجة عن استقرار معتقدات خاطئة بسبب التجارب الفاشلة؟

هل ترى نفسك صاحب همة عالية؟ ولماذا؟

ما أسباب تقاعدك وتقاعسك عن التفاعل مع الأحوفي واقع الحال، ليس هناك قوى أقوى من الإيمان لتوجيه الإنسان .

وفي الأصل، فإن التاريخ البشري هو تاريخ الإيمان عند الإنسان. فأولئك الذين غيروا مجرى التاريخ هم أنفسهم الذين غيروا من معتقداتنا وسلوكنا؛ لذلك علينا أولاً أن نبدأ بتغيير معتقداتنا؛ لكي نحاكي التفوق ثم علينا أن نحاكي معتقدات من حققوا النجاح " وتاريخنا الإسلامي زاخر بأمثلة باهرة في ذلك " .

وكلما زاد ما نعرفه عن السلوك الإنساني، زادت معرفتنا بالأثر غير العادي للإيمان على حياتنا، وفي كثير من الحالات، يتحدى هذا الأثر النماذج المنطقية التي يعتقد معظمنا فيها. ولكن، من الواضح أنه حتى على المستوى الفسيولوجي، فإن المعتقدات (التمثيل الداخلي المتناغم) يسيطر على الواقع، وقد أجريت - منذ وقت ليس بالبعيد - دراسة غير عادية عن انفصام الشخصية، وكانت إحدى حالات الدراسة لامرأة تعاني من انفصام الشخصية، في العادة، كان معدل السكر في الدم لديها عادياً تماماً، ولكن عندما كانت تؤمن بأنها مصابة بمرض السكر، كانت فسيولوجيتها تتغير تماماً لتتحول إلى فسيولوجية مريض بالسكر ؛ ولذا، فقد أصبحت معتقداتها أمراً واقعاً. وعلى غرار ذلك، كانت هناك دراسات عديدة حيث يتم لمس شخص منوم مغناطيسيا بقطعة من الثلج على أنها قطعة من المعدن الساخن. وفي كل الحالات، كانت بثرة تظهر في موضع التلامس، فقد كان الأثر هنا لما اعتقده الشخص وليس للواقع - وهو التواصل المباشر القاطع للجهاز العصبي - فالمخ بكل الإيمان وإيقاظ القوى الخفية بساطة يفعل ما يؤمر به .

ومعظمنا سمع عن الدواء ذي الأثر الوهمي فأولئك الذين يُصرف لهم عقار على أن له أثراً معيناً، يشعرون فعلاً بهذا الأثر مع أنهم يتناولون قرصاً فارغاً من هذا العقار ليس به أي خواص فعالة . ويقول نورمان كيزنز الذي علم بنفسه ما للإيمان من قوة في التخلص من مرضه : ليست العقاقير أمراً ضرورياً في كل الأحيان، أما الإيمان فهو ضروري دائماً . ومن الدراسات الرائعة عن الدواء ذي الأثر الوهمي، دراسة تمت على مجموعة من المرضى المصابين بقرحة، وقد تم تقسيمهم إلى مجموعتين، تم إعطاء المجموعة الأولى عقاراً أخبروا بأنه سوف يشفيهم تماماً من مرضهم. وتم إعطاء المجموعة الثانية عقاراً أخبروا بأنه تجريبي ولا يعرف سوى القليل عن أثره. وقد شفي سبعون بالمائة من المجموعة الأولى بصورة كبيرة من القرحة. ولم يحقق سوى ٢٥٪ من المجموعة الثانية نتائج مماثلة. وفي كلتا الحالتين تم إعطاء المرضى عقاراً ليس له أي خواص علاجية على الإطلاق. كان الفارق الوحيد هو نظام الإيمان الذي تبنوه. وهناك دراسات أخرى أروع من تلك، وهي الدراسات العديدة التي تم فيها إعطاء المرضى دواء كان من المعروف أن له أثراً ضاراً، ومع ذلك أخبروا أنهم سيحصلون على أثر إيجابي، وعندها لم يتعرضوا لأي آثار ضارة مطلقاً.

وقد أظهرت الدراسات التي أجراها الدكتور "أندروويل" أن مدمني المخدرات يحصلون على أثر يطابق توقعاتهم تماماً. فقد وجد أنه يسكن ويهدئ شخصاً ما بإعطائه الأمفيتامين ، وأنه يجعل آخر يشعر بالنشوة عند إعطائه الباريتيوريت. واختتم الدكتور ويل قائلاً: "إن سحر المخدر يكمن في عقل متعاطيه، ليس في العقار ذاته وهو الرسائل المتناسقة والمتناغمة التي تم إرسالها إلى المخ والجهاز العصبي . وفي جميع هذه الحالات، كان الإيمان هو العنصر الثابت الوحيد الذي كان له أكبر تأثير على النتائج، ومع كل هذه القوة التي يتمتع بها الإيمان، فليس هناك أي قوى غامضة في هذه العملية. فالإيمان ليس سوى حالة نفسية، أو تمثيل داخلي يحكم السلوك. ويمكن أن يكون إيماناً باعثاً على القوة بشأن ما هو ممكن أو الإيمان بأننا سوف ننجح في شيء ما أو نحقق شيئاً آخر، ويمكن أن يكون كذلك إيماناً باعثاً على العجز، أو الفشل وعدم تحقيق النجاح، أي أن أوجه قصورنا واضحة ولا يمكن التغلب عليها وأنها هائلة. فلو اعتقدت في النجاح، فسوف تكون لك القدرة على تحقيقه . وإذا كنت تؤمن بالفشل، فإن هذه الرسائل ستميل لأن تؤدي بك إلى الفشل . فكلا الاعتقادين قوة هائلة، أما السؤال الذي يجب أن نطرحه فهو : أيهما أفضل بالنسبة لنا، وكيف نكتسبهما ؟

ويبدأ مولد التفوق بإدراك أن لنا الخيار فيما نؤمن به، وفي العادة لا ننظر إلى الأمر من هذه الناحية، إلا أن الإيمان يمكن أن يكون اختياراً نقوم به عن وعي، فبإمكانك أن تختار المعتقدات التي تساندك في التفوق أو التي تحد من قدراتك، والمهم هو أن تختار المعتقدات المحفزة للنجاح والنتائج التي ترجوها، والتخلص من تلك التي تعوقك . وأكبر سوء فهم عند الناس بخصوص الإيمان، هو اعتقادهم بأنه الإيمان وإيقاظ القوى الخلية

مفهوم فكري جامد، أو منعزل عن العمل والفعل والنتائج. وهذا المفهوم هو أبعد ما يكون عن الحقيقة الإسلامية؛ فالإيمان هو الباب المؤدي إلى التفوق وذلك لأنه لا يمت بصلة إلى الجمود.

يحدد لنا إيماننا كم قدراتنا التي يمكن لنا أن نستدعيها أو نستخدمها، وهو الذي يمكن أن يسمح بتدفق الأفكار أو يوقفها. تخيل أنك تعرضت لهذا الموقف : يقول لك شخص ما : " من فضلك أعطني الملح"، وفي أثناء سيرك إلى الحجرة المجاورة تقول لنفسك : "ولكنني لا أدري أين يوجد ". وبعد أن تمضي بضع دقائق في البحث عنه، تصرخ قائلاً : لا أستطيع أن أجد الملح" عندها، يأتي هذا الرجل ويتناول الملح من أعلى الرف الموجود أمامك تماماً ويقول : انظر يا أبله، الملح أمام عينيك، في هذه الحالة كما لو كان ثعباناً قد لدغك " . فعندما قلت إنك لا تستطيع أن تجد الملح، فإنك أعطيت إشارة إلى مخك بأنك لا تراه ويسمى ذلك في علم النفس بالاسكتوما ، وتذكر أن كل تجربة إنسانية، وكل شيء سمعته وقلته وأحسست به وشممته وتذوقته مخزون في مخك؛ ولذا، فعندما تقول إنك لا تستطيع التذكر، فأنت محق في ذلك تماماً. وعندما تقول تستطيع التذكر حيث تعطي بذلك أمراً لجهازك العصبي كي يفتح البوابات المؤدية إلى جزء المخ الذي يستطيع أن يمدك بالإجابات التي تريدها .

إن من يحققون شيئاً، يفعلون ذلك لإيمانهم بالقدرة على تحقيقه (فيرجيل)

مرة أخرى، ما هي المعتقدات؟ إنها توجهات المفاهيم موجودة ومنظمة مسبقاً ترشح تواصلنا مع أنفسنا بصورة دائمة. من أين تأتي المعتقدات؟ لماذا يكون لدى البعض معتقدات تدفعهم صوب النجاح ويكون للآخرين معتقدات تقودهم إلى الفشل، وإن كنا سنحاكي المعتقدات التي تؤدي للنجاح، فإن أول شيء نحتاج إلى معرفته هو مصدر هذه المعتقدات. أعلى هذه المعتقدات الرسالة الربانية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهي قانون السعادة الحق" وقد يأتي بعد ذلك معتقدات ومصادر منها :

مصادر أخرى للنجاح أو الفشل

من خلال ما سبق رأينا أن المصدر الأول للنجاح والتفوق بلا منازع هو الإيمان حتى إن جميع النابهين من جميع الأمم متفقون على ذلك . المصدر الثاني: البيئة، فهي المكان أو الوسط الاجتماعي الذي تجري فيه دورات الفشل الذي يولد الفشل، والنجاح الذي يولد النجاح بصور لا تنتهي، إن الإحباط والحرمان ليسا مصدري البشاعة الحقيقية للحياة في الأحياء الفقيرة، فبإمكان الناس أن يتغلبوا عليهما. لكن الكابوس الحقيقي يتمثل في أثر البيئة على الأحلام والمعتقدات. فإن كان كل ما تراه هو الفشل والإحباط، فسيكون من الصعب أن يتوافر لك التمثيل الداخلي الذي يؤدي إلى النجاح، فالمحاكاة هي أمر نقوم به جميعاً طوال الوقت . فإن ترعرعت في بيئة يسودها الثراء والنجاح، فسيسهل عليك محاكاة الثراء والنجاح، أما إن ترعرعت في بيئة يسودها الفقر، فهنا ستكون نموذجك الخاص بما يمكن القيام به .

قال ألبرت أينشتين : القليل هم من لهم القدرة على التعبير بآراء متزنة تختلف عن الأحكام المسبقة لبيئتهم الاجتماعية " .

وفي الدورات التي أعقدها حول المحاكاة المتقدمة، أقوم بتجربة ، حيث نعثر على أناس ممن يعيشون في شوارع المدن الكبرى، ثم نعمل على تقييم نظم إيمانهم واستراتيجيتهم العقلية. ونقدم لهم الطعام وقدراً كبيرا من الحب، ثم تطلب منهم أن يخبروا المجموعة من حياتهم، وما هي شعورهم تجاه ما هم فيه الآن؟ وما هو السبب - في رأيهم - وراء كون الأمور على ما هي عليه الآن؟.
بواسطة
ثم تعقد مقارنة بينهم وبين أناس ممن حولوا حياتهم كلية على الرغم من العرضهم المشكلات عاطفية وصحية بالغة، وفي إحدى الجلسات التي عقدت مؤخراً، كان يوجد شاب يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً. وكان قوياً وذكياً ومعافى جسمانيا ووسيماً، ما السر وراء تعاسته وعينه في الشارع، في حين أن دبليو ميتشل - الذي لم يكن لديه الكثير من القدرات لتغيير حياته - كان يتمتع بسعادة غامرة ؟ لقد نشأ ميتشل في بيئة كان يوجد بها قدرات يحتذى بها، نماذج الأناس تغلبوا على صعاب جمة من أجل الوصول إلى حياة ممتلئة بالسعادة، وخلق ذلك ثقة في ذاته : وقد كان ذلك ممكناً في حالتي أيضاً. وعلى نقيض ذلك، فإن هذا الشاب، والتطلق عليه جدلاً اسم "جون ، نشأ في بيئة لم يوجد فيها أي قدوة يحتذى بها، حيث كانت أمه سيئة السمعة، وسجن أبوه بتهمة القتل، وعندما كان في سن الثامنة حقنه أبوء بحقنة هيروين، وبكل تأكيد، لعبت هذه البيئة دوراً في اعتقاده بما يمكن عمله - ألا وهو مجرد البقاء حيا - وكيفية تحقيق ذلك من العيش في الشوارع والسرقة والتخلص من الآلام بتعاطي المخدرات، وكان يعتقد أن الآخرين دائماً يحاولون استغلاله ما لم يأخذ حذره منهم، فلا أحد يحب غيره، وهلم جرا. وفي هذه الليلة، عملنا مع هذا الرجل، وغيرنا من معتقداته وكنتيجة لذلك، لم يعد إلى العيش في الشوارع، كما أقلع عن المخدرات، وهو الآن يعمل، وله أصدقاء ويعيش في بيئة جديدة بمعتقدات جديدة، كما أنه يحقق نتائج جديدة، وهذا بالضبط الذي عمله الإسلام في المجتمع الجاهلي حيث أعطاهم القوة الإيمانية النفسية وأعطاهم التعاليم الصحيحة والأساليب الحسنة التي غيرت من أنماط حياتهم.

درس الدكتور بنجامين بلوم من جامعة شيكاغو مائة حالة ناجحة الرياضيين من الشباب، وموسيقيين والطلاب يا وقد دهش عندما اكتشف أن عالية هؤلاء النوابغ من الشباب لم يبدأوا حياتهم بإظهار تفوق باهر . وعلى نقيض ذلك، فقد تلقى معظمهم ارشاداً ودعماً وعناية، ثم بدأوا بعد ذلك في التطور. فقد ظهر الاعتقاد في إمكانية أن يحققوا تفوقاً، خاصة قبل ظهور أي علامات على امتلاكهم موهبة حقيقية . إن البيئة يمكن أن تكون أقوى مولد كامن للمعتقدات بالمخالطة وتسمى معتقدات تجوزا) ولكنها ليست المولد الوحيد، ولو كان الأمر كذلك، لعشنا في عالم ثابت لا يتغير، حيث لا يعرف الأثرياء سوى الثراء، ولا يخرج الفقراء مطلقاً من فقرهم " فهناك بيئات محيطة أو فاسدة كالبيئة الجاهلية أو الشهوانية، وهناك بيئات، عظيمة ورائدة كالبيئة الإسلامية الصحيحة " .

وفي بعض الأحيان يكون هناك تجارب وطرق أخرى للتعلم، والتي يمكن أن تكون كذلك مولدات للاعتقاد .

المصدر الثالث: الأحداث، فالأحداث - صغرت أم كبرت - يمكن أن تولد الإيمان بأشياء؛ فهناك أحداث في حياة المرء لا يمكن أبداً نسيانها ؛ فمثلاً بالنسبة للأمريكيين حادث ضرب مركز التجارة العالمي وموت الرئيس كينيدي .

وبالنسبة للكثيرين، كان هذا الحادث أمراً غير من وجهة نظرهم إلى العالم. وعلى غرار ذلك، فلمعظمنا تجارب لا تنسى أبد الدهر، تجارب كان لها وقع شديد علينا لدرجة أنها انطبعت في ذاكرتنا إلى الأبد، فهذه هي التجارب التي تشكل الإيمان الذي يمكن أن يغير حياتنا فقد تعرضت الحركة الإسلامية مثلاً إلى مواقف ومظالم لا يمكن أن تنسى يوم إعدام الأستاذ عبد القادر عودة ورفاقه وإعدام سيد قطب ورفاقه والمحاكمات العسكرية والاعتقالات المتكررة، لا شك أن هذه الحوادث فتحت الأعين على هول الكارثة التي تحل بالأمة، والتي يجب أن يحب حسابها كما فتحت الأعين على القوى العالمية المستعدة المساندة أي نظام يساعد على إرباك الأمة والتخلص من المخلصين فيها والعاملين لسيادتها ونهضتها .

المصدر الرابع المعرفة، وتعتبر التجربة المباشرة هي إحدى أشكال المعرفة، ومشاهدة الافلام والقراءة ومشاهدة العالم كما يصوره الآخرون. هي طرق أخرى للمعرفة والمعرفة من الطرق الرائعة لتحطيم أغلال البيئة التي تحد من قدرات الفرد. ومهما كان العالم كثيباً من حولك، فبقراءتك لإنجازات الآخرين، تستطيع أن تخلق المعتقدات التي تسمح لك بالنجاح. هذا، وقد حضنا الإسلام على العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، وجعله طريقاً إلى الجنة قال : من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» (1) .

فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك، ومتى اتقاء زاده وهلم جرا.

جرب كيف تصر على المعرفة منذ سنوات بعيدة تعلقت بعادة القراءة لمدة ثلاثين دقيقة يوميا، والتي اتضح فيما بعد أنها أثمن شيء تعلمته في حياتي. ففي يوم ما قال لي أحد أساتذتي :

إن قراءة شيء ذي فائدة وذي قيمة يضيف شيئاً جديداً إليك ؛ فالقراءة في الحقيقة أهم من الطعام. وقال أستاذي أيضاً : قد تفوتك وجبة، ولكن لا تجعل القراءة تفوتك أبداً.

ومن ثم حاول أن تغذي نفسك بالقراءة بينما تخوض محاولتك في التحدي الذهني. اقرأ مادة تفيدك في اكتساب استراتيجيات جديدة

تؤدي بك إلى تحقيق ذلك النمط الجديد الذي اخترته الحياتك، وتذكر أن القادة العظام هم أيضاً قارتون عظام .

قال الإمام أبو الفرج بن الجوري - رحمه الله تعالى : تأملت عجباً، وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه، ويكثر التعب في تحصيله. فإن العلم لما كان أشرف الأشياء، لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة، حتى قال بعض الفقهاء : بقيت سنين أشتهي الهريسة لا أقدر؛ لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس " . . ١. هـ .

ولذلك قال ابن القيم - رحمه الله تعالى : وأما سعادته فلا يورثك إياها إلا بذلك الوسع وصدق الطلب وصحة النية .

وقد أحسن القائل في ذلك :

فقل لمرجى معالي الأمور بغير اجتهاد رجوت المحالا وقال الآخر :

لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يُفقر والإقدام قتال ومن طمحت همته إلى الأمور العالية؛ فواجب عليه أن يشد على محبة الطرق الدينية، وهي السعادة، وإن كانت في ابتدائها لا تنفك عن ضرب من المشقة والكره والتأذى، وأنها متى أكرهت النفس عليها ، وسیقت طائعة وكارهة إليها، وصبرت على لأوائها وشدتها أفضت منها إلى رياض مونقة، ومقاعد صدق ومقام كريم تجد كل لذة دونها لعب الصبي بالعصفور بالنسبة إلى لذات الملوك، فحينئذ حال صاحبها كما قيل :

وكنت أرى أن قد تناهى بي الهوى إلى غاية ما بعدها لي مذهب فلما تلاقينا وعاينت حسنها تيقنت أني إنما كنت ألعب قال مسلم في "صحيحه" قال يحيى بن أبي كثير : " لا ينال العلم براحة الجسم"، وقد قيل : من طلب الراحة، ترك الراحة " . فيا واصل الحبيب أما إليه بغير مشقة أبداً طريق ؟! ولولا جهل الأكثرين بحلاوة هذه اللذة وعظم قدرها لتجالدوا عليها بالسيوف، ولكن حقت بحجاب من المكاره، وحجبوا عنها بحجاب من الجهل، ليختص الله لها من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم اره قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه .

لا تحسب المجد تمراً أنت أكله لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا وقد كان أهل العلم - رحمهم الله تعالى - يلاقون الصعاب والشدائد في تحصيلهم للعلم، نصح الإمام ابن هشام النحوي، صاحب كتاب القطر" و "المغني" وغيرهما، طلبة العلم بالصبر على مشاق العلم والتحصيل، إذ هو شرط في نيل المراد العزيز الغالي، فيقول : ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل ومن لم يذل النفس في طلب العلى يسيراً بعش دهراً طويلاً أخا ذل المصدر الخامس التجارب أو الخبرات التي يمكن من خلالها تحقيق النتائج المستقبلية، ومن أضمن الطرق لخلق المعتقدات بقدراتك على فعل شيء ما، هي فعل هذا الشيء مرة واحدة فقط، فإن استطعت أن تنجح مرة، فسيكون من الأسهل بكثير أن تخلق الاعتقاد في قدرتك على تحقيقه مرة أخرى.

أعرف رجلاً طلب منه أن ينجز رسالة للماجستير في مدة وجيزة فما كان منه إلا أن أنجزها في تلك المدة القصيرة، ثم أخذها فرحاً إلى المشرف للقراءة وإبداء الملاحظات ثم المناقشة، ففوجئ بالمشرف يرفضها ويتحامل عليه، وبعد أخذ ورد طلب منه الطالب أن يبدي رأيه في كل باب من أبوابها ويدون ملاحظاته التي ينبغي أن تعمل، وقال سأقوم بتعديلها وكتابتها، وإذا بالمشرف يفعل ذلك ويقلب الفصل رأساً على عقب، وظن المشرف أن عمل ذلك يتم في شهر تقريباً فأخذ الطالب الفصل وذهب إلى المكتبات وجلس في إحداها سحابة يوم كامل كتب فيها مسودة الفصل ثم سهر الليل في تبييضه وترتيبه وإذا به يذهب إلى المشرف في صباح اليوم الثاني وقد أتم مهمة التغيير كما أراد المشرف، فذهل المشرف وفعل في الفصول التالية ما فعله في الأول، تحت ذهول المشرف، وتعجبه؛ لأن الطالب أصر على إثبات وجوده، ونال الماجستير، ثم نال الدكتوراه؛ ثم كتب بحوث الترقية للدرجات العلمية حينما طلب منه ذلك في أوقات ومدد لا تصدق وكان سبب ذلك هو الإصرار الأول والنجاح الذي حقق بالسرعة الخارقة في الماجستير .

وما أصدق قول القائل :
بواسطة
داؤك فيك وما تبصر ودواؤك فيك وما تشعر

وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكب

المصدر السادس: المعتقدات (۱) هو من خلال إيجاد التجربة التي ترغبها في المستقبل في عقلك كما لو كانت أمراً واقعاً. وكما أن التجارب السابقة يمكن أن تغير في إمكانية حدوثه، فكذلك الأمر مع التجارب التي تتخيلها في ذهنك لما تريد أن يكون في المستقبل .

لقد تحدثنا عن أهمية المحاكاة، ومحاكاة التفوق تبدأ بمحاكاة الاعتقاد في العادات، وبعض الأمور تحتاج إلى بعض الوقت المحاكاتها، ولكن، إن كان بمقدورك أن تفكر وأن تقرأ وأن تسمع، فإن بمقدورك عندئذ أن تحاكي اعتقادات أنجح الناس على وجه الأرض. عندما بدأ أي عظيم حياته، قرر أن تكتشف اعتقادات أنجح الناس، ثم قلدهم بعد ذلك. إن بإمكانك أن تحاكيه هو ومعظم القادة العظام من خلال قراءة سيرهم الذاتية . وتعج المكتبات بأسئلة وأجوبة حول كيفية تحقيق أي نتيجة ترغبها، ولهذا قص علينا القرآن قصص الصالحين من عباد الله وقصص الأنبياء والمرسلين لـنـــتــدي بهم، قال تعالى : أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَهُدَاهُمُ الده ...) [الأنعام] وقال تعالى: ﴿وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ به فؤادَكَ ... ﴾ [هود .... فاقصص القصص لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (7) [الأعراف] .

ما مصدر معتقداتك الشخصية؟ هل مصدرها رجل الشارع العادي؟ هل مصدرها التلفاز أو المذياع؟ هل مصدرها كلام المتحدثين الأطول حديثاً والأعلى صوتاً؟ إن أردت أن تنجح، فمن الحكمة أن تختار معتقداتك بعناية بدلاً من المشي هنا وهناك كقطعة ورق عصفت بها الريح . ومن المهم إدراك أنه كلما أطلقنا العنان لقدراتنا الكامنة حصلنا على النتائج ، وهي جميعاً أجزاء من عملية نشطة تبدأ بالاعتقاد. وأنا أنظر إلى هذه العملية من خلال المثال التالي :

لنقل إن شخصاً ما يعتقد في عدم فاعليته في فعل شيء ما . ولنفترض أنه قال لنفسه إنه طالب فاشل. فإذا توقع الفشل، فما هو مقدار قدراته التي سيستدعيها ؟ ليس بالكثير ؛ فقد قال لنفسه بالفعل إنه لا يعرف . لقد أرسل بالفعل إلى مخه رسالة بتوقع الفشل. ومع بدئه بمثل هذه التوقعات، فما هي الأفعال التي يحتمل أن يقوم بها؟ هل ستكون الفعالا تتسم بالنشاط، والتناغم والثقة بالنفس؟ هل ستعكس قدراته الحقيقية أمراً غير محتمل ؟ وإذا كنت على ثقة من فشلك، فلماذا تكد من أجل النجاح؟ ومن هنا، فقد بدات باعتقاد يؤكد عدم قدرتك ، وهو الاعتقاد الذي يرسل - لاحقا - إلى جهارك العصبي إشارة للاستجابة بشكل معين، ولقد استدعيت قدراً محدوداً من قدراتك ، ولقد قمت بأفعال هزيلة تعوزها الثقة، فما هي النتائج التي تتمخض عن ذاك؟ أكثر الاحتمالات أنها ستصبح هزيلة جدا . ما الذي ستتسبب فيه هذه النتائج الهزيلة بالنسبة لأعمالك اللاحقة ؟ أكثر الاحتمالات أنها ستعزز من الاعتقادات السلبية .

إن الفشل يولد الفشل. فمن يعيشون حياة ملؤها التعاسة والانكسار ، هم أناس حرموا لفترة طويلة من النتائج التي كانوا يريدونها حتى أنهم لم يعودوا يؤمنون بقدراتهم على تحقيق ما يريدون . كما لا يفعلون سوى القليل أو لا يفعلون شيئاً أصلاً، ويبدأون في محاولة اكتشاف كيفية وصول حياتهم إلى النقطة التي لا يفعلون فيها سوى القليل انطلاقاً من هذه الأفعال، ما النتائج التي يحققونها ؟ بطبيعة الحال، ستكون نتائج سيئة تحطم معتقداتهم بصورة أكبر، إن كان ذلك ممكناً .

وبنفس الطريقة فإن النجاح يولد النجاح .

التفعيل العملي الحقائق الموضوع وقيمه بالأنشطة الآتية:

أولا الأنشطة المصاحبة إجراء ورشة عمل قصيرة في الحصة لترتيب عناصر القوة وكيفية اكتسابها .

تصحيح قراءة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار الحكيمة الواردة في الدرس.

 تدريب المتعلمين على التحدث عن أهمية الإيمان في إيقاظ قوى الإنسان الكامنة .

ثانياء الأنشطة المساندة

 محاسبة النفس على مدى انطباق عناصر القوة السابق ذكرها في نفسه، والعمل على استكمالها .

إقامة ورشة عمل لمناقشة الوسائل التي تساعده وزملاء.

للاتصاف بعناصر القوة.

تقديم خواطر عن أهمية الإيمان في إيقاظ قوى الإنسان الخارقة . جمع أمثلة للشخصيات التي حولها الإيمان إلى شخصيات عالية الهمة ويجعلها في كتاب يوزع .

 إلقاء محاضرة عن مصادر المعتقدات الصحيح منها والباطل] عند الإنسان، وكيف يتخلص المؤمن من المعتقدات الخاطئة منها وشروط الاستفادة من المعتقدات الصحيحة .

 يجمع أمثلة للشخصيات التي حولها الإيمان وفجر طاقاتها . كتابة مقالات وبحوث عن أهمية وضرورة تغيير القناعات الخاطئة السلبية واستبدالها بقناعات صحيحة إيجابية .

يجمع الحكم والأمثال الشعرية والنثرية ذات الصلة بالموضوع في مطوية وتوزيعها .

يخطط لدورة تدريبية في الموضوع.

التقويم والقياس الذاتي

أولا الأسئلة المقالية

١ - ما الولادة الحقيقية للإنسان؟ وما أسبابها وعناصرها ومفاتيحها ؟

٢- اشرح المدار الذي يقوم عليه إيمان المؤمن. صنف الناس بناء على هذا المدار. أين تكمن القوة الحقيقية في الإنسان؟

  اذكر مع الشرح الأسباب التي تقوم عليها حياة القلب.

 بين أثر الإسلام في تعويد المؤمن على القوة النفسية الكبيرة .

ما الذي يترتب على علو همة المؤمن؟

المؤمن عظيم بإيمانه اشرح ذلك .

 ما مصادر معتقدات الإنسان بوجه عام؟

كيف تكون البيئة مصدراً من مصادر المعتقدات عند الإنسان؟

هل يمكن استغلال البيئة في بناء معتقدات صحيحة لدى الإنسان؟ ولماذا؟

 وضح أثر الأهداف في تكوين المعتقدات والتصورات لدى الإنسان

 كيف يمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة التي استقرت في عقل الإنسان بسبب بعض الأحداث؟

 متى تكون المعرفة مصدراً من مصادر الاعتقاد السليم؟

 كيف يتم تحصيل المعرفة؟ اذكر الشروط الواجبة لذلك.

اكتشفت بعد وقت أن مصادر المعرفة لديك كانت غير صحيحة، فكيف تتصرف؟ وكيف تساعد غيرك على التخلص من مصادر المعرفة غير الصحيحة ؟

اشرح دور التجارب العامة والخاصة في بناء معتقدات الإنسان؟

 ما الأخطار الناتجة عن استقرار معتقدات خاطئة بسبب التجارب الفاشلة؟

هل ترى نفسك صاحب همة عالية؟ ولماذا؟

ما أسباب تقاعدك وتقاعسك عن التفاعل مع الأحداث؟

ما الطريقة التي تراها مناسبة للنهوض بنفسك؟

 ابتكر خطة تعدها لنفسك للتغلب على عادات أو معتقدات خاطئة قديمة معك .

 بم تنصح من يعرف الحق ولا يهم لنصرتة؟داث؟

ما الطريقة التي تراها مناسبة للنهوض بنفسك؟

 ابتكر خطة تعدها لنفسك للتغلب على عادات أو معتقدات خاطئة قديمة معك .

 بم تنصح من يعرف الحق ولا يهم لنصرتة؟

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى منتج الإجابات، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...